by منصة عقول

يوميات معلمة (8) كيف نتعامل بحكمة مع الطالب المنكسر نفسيا

لا بد من التوضيح أن ما أكتبه في هذه السلسلة من المقالات ليس منهجا ثابتا أو قواعد محددة لا بد وأن يسير عليها المعلم، لكنها خلاصة تجاربي وأجمل المواقف التي تعرضت لها خلال عملي كمعلمة وأثرت في وتأثرت بها.

 

ومن هذه المواقف أنني ذات يوم كان لدي إشراف على الأطفال أثناء اللعب، وكنت جديدة في مجال العمل كمعلمة لذا بدأت أتابع لعب الأطفال بشغف رغبة في التعرف عليهم عن قرب، لكن ما لفت نظري هو ذلك الصغير الجميل الذي يجلس وحده منزويا لا يلعب مثل باقي الأطفال.
ذهبت إليه وقلت له: ليه مش بتلعب مع زملايك.
قال: أنا بحب أقعد هنا.

جلست معه وتجاذبنا الحديث وكانت الفاجعة!
والده توفى منذ عامين وليس له إخوة! حضنته وأثرت الصمت ولكني لم أتركه بعدها، كل يوم كان لنا كلام وحكاوى كثيرة، كان مرهف المشاعر، رقيق، ولكن بداخله لمحة من الإنكسار.
بدأت أجمع زملاءه بعيدا عنه وأتحدث إليهم أن يلعبوا معه ولا يتركوه وحده، وكنت ألعب معهم ولكنه كان في يدي دائما وكأنني ولية أمره، كان ذلك يسعده ويسعدني أيضا.

بدأت أحرص كل الحرص على أن أشغله خلال الحصة حتى لا أتركه فريسة للتفكير والحزن وكان هو يستجيب.

الأهم أنني تواصلت مع والدته والتي أخبرتني أنها تعاني معه منذ وفاة والده وأكدت لي أنه في الفترة الأخيرة بدأ يتغير تدريجيا ويمارس حياته بشكل طبيعي، أخبرتها بما فعلته معه، وطلبت منها أيضا أن تواصل معه ذلك وأن تمنحه الكثير من الحب والاهتمام وكذلك أن تشغله معظم الوقت وتخرج معه، وتدعو أصدقاءه لزيارته وتصطحبه في زيارات عائلية وأشياء من هذا القبيل، وبفضل الله بدأ الطفل يعود لطبيعته ويبتسم ويلعب، ويتفوق في دراسته بل ويتميز أيضا.

 

نعم منحته بعضا من وقتي واهتمامي ولكنه منحني فيضا من حبه وابتساماته، وكذلك منحني أجرا لن ينقطع بمشيئة الله لأنني غرست بذرة حب في قلبه وحتما ستنمو مع الأيام.
يا سادة المعلم ليس ملقن ولكنه الملهم والمربي لأبنائه.
فإياك عزيزي المعلم أن تنتقص من قدرك شيئا فتهون في أعين الناس وفي قلوبهم.

 

اترك تعليقاً